المرأة الواعية هي مفتاح المجتمع الإسلامي، ودعامة التغيير. لقد خلق الله سبحانه المرأة لتكون عنصراً فاعلاً في المجتمع الإنساني، لأنّها طرفاً أساسياً فيه، تقابل الرجل الطرف الأوّل. فمنهما يتكون أفراد المجتمع الإنساني. قال الله سبحانه: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا) (المؤمنون/ 115). المرأة في نظر الإسلام اختلفت كلّ الاختلاف عن السابق، فقد أعاد لها كرامتها، ورفع عنها الحيف الذي نالها من الحضارات التي كانت تراها كائناً لا يستحق الاعتبار، ورفض كلّ تلك السمات الشائنة لها، فقال سبحانه، (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً) (النحل/ 97)، وقال سبحانه: (وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا) (النساء/ 124). ولم يقف الإسلام عند هذا الحد في رفع مكانة المرأة، إنّما تعدى إلى أكثر ممّا نتصور، فقد ساواها بالرجل من حيث الاعتبارات الأساسية، والقيم الإنسانية، وهيأ كلّ مقومات التوازن الفردي لها، بحيث جعل منها عنصراً حياً في تأسيس المجتمع، وديمومته، وطاقة إبداع للوجود الإنساني، تكويناً، وتربيةً، ونموّاً مثمراً، حتى قال سبحانه عن هذا الاندماج الازدهاري: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) (البقرة/ 187)، واللباس ستر لعيوب الإنسان، وتقويم لمظهره الخارجي. وكما أنّ الرجل لباس للمرأة، فكذلك هي له، كلّ منهما جزء مُتمم للآخر، حاجة مُتبادلة بينهما، تشدّهما إلى بعض، وتنزلهما منزلة واحدة، لها خصائصها، وميزاتها الفردية، والاجتماعية. إنّ نظرة الإسلام إلى المرأة تركزت على رفض الأفكار الخاطئة التي أُلصقت بها وحطت من شأنها، وهو - أيّ الإسلام - في هذه الصدد أكد على أنّها شطر النفس الإنسانية، وصانعة الجنس البشري، وحارسة العش الذي تدرج فيه الطفولة، والأمينة على أنفس عناصر هذا الوجود الإنسان، وأنّ عملها في إتقان هذا العنصر لا يعدله عملها في إتقان أي عنصر آخر.
أن الإنسان، سواء كان امرأة أو رجلاً، لا يحتاج إلى يوم مخصَّص للاحتفال بقيمته وكرامته، فالمرأة هي التي تصنع بسلوكها وأخلاقها كرامتها وتحفظها وتصونها، وهي بسلوكها الواعي تعطي لنفسها مكانة تستحقها، وهي بمواقفها المحقة وتربتيها لأولادها وسيرها على خطّ الله وهدايته، تحقّق ذاتها، وتفرض احترامها على الجميع، بما تترك من أثر، وبما تلعب من دور أوكله الله إليها، في تأسيس الحياة الخاصّة، والمساهمة في تعزيز الحياة العامّة.
المرأة قادرة على جعل كلّ يوم من أيامها يوماً احتفاليّاً حقيقيّاً، عندما تؤكد إنسانيتها في الحياة، فتبتعد عن كلّ ما يسيء إلى كرامتها، ويحطّ من قيمتها وقدرها بين الناس، وعندما تلتزم عفتها وطهارتها، وتكون زوجة مخلصة وعاملة مجاهدة في كلّ ساحات الحياة، تقوم بدورها ومسوؤليّاتها كما أراد تعالى لها من أن تكون؛ أمّاً ومجاهدة ومربية ومثقفة وفاعلة في الحياة، بفعلها ونشاطها واستثمارها للوقت ولطاقاتها فيما ينفعها وينفع الحياة من حولها. ما يفيدنا، هو أن نجعل المرأة تشعر بكيانها وإنسانيّتها وكرامتها في كلّ وقت وكلّ حين، وأن نحضّر الأجواء العامة المناسبة التي تعين المرأة على لعب الدّور المطلوب منها، فلا نحاصرها ونخنقها بالنظرة الناقصة الدونيّة، والسلوكيات المشينة التي تحقّرها من فعل أو قول.
المجتمع يحتاج فعلاً إلى المرأة الواعية الحاضرة باستمرار في نضالها وجهادها وعملها وعلمها، وابتعادها عن كلّ ما يسخّفها أو يسقطها، فيوم تعود المرأة إلى ممارسة دورها كما أراد الله تعالى، وتحمي نفسها من كلّ الإغراءات والمؤثّرات التي تدنّسها، فإنّها ستكون في يوم احتفاليّ مفتوح على الزّمن كلّه.
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق